قالوا أرح عينيك من طول السهر . . . . وأرح فؤادك من أنينك والضجر
قالوا أقم للشعر مملكة بها . . . . من كل غانية منعمة أثر
وارسم لنا من جسم ليلى لوحة . . . . تتنافس الألوان فيها والصور
وازرع لنا في كل حرف واحة . . . . فيها الندى يهمي فينتعش الشجر
علق لنا فيها قناديل الهوى . . . . وانثر على الجنبات أمزجة البشر
لقن نجوم الليل أغنية الهوى . . . . وانثر رحيق العشق في أذن السَّحر
أثخنت شعرك بالجراح كأنما . . . . تسعى إلى تغيير ما صنع القدر
هذا هو الأقصى ملأت قلوبنا . . . . حزناً عليه ولم يزل قيد النظر
هذي ربى لبنان أمحل روضها . . . . فهل استعاد الشعر منها ما اندثر
هذا الخليج مضرج بدمائه أترى . . . . القصائد سوف تجبر من انكسر
أتريد أن تحيي رفاة إبائنا بالشعر . . . . أو ترقى إليك بمن انحدر
خدر مشاعرنا بأنغام الهوى . . . . فلقد تعودت النفوس على الخدر
عفواً بني قومي فلست بشاعر . . . . يملي على الكلمات أمزجة البشر
هذي جراحكم التي أصلى بها . . . . أشدو بها شدواً يغالطه كدر
سأظل أعزفها على وتر الأسى . . . . حتى أرى في الأفق تلويح الظفر
من أين تبتسم القصائد في فمي . . . . والذكريات تملؤها بأصناف العبر
أنا لست زماراً إذا نادى الهوى لبى . . . . وإن نادى مناد الحق فر
أنا لا أريد لأمتي في دربها إلا . . . . سمواً عن مهازل من كفر
أنا لا أريد لأمتي إلا مدى . . . . رحباً وبعداً عن مضاجعة الحفر
أنا أيها الأحباب قلب نابض . . . . انا لست تمثالاً ولا قلبي حجر
كم من طفلة في أرض لبنان . . . . اشتكت يتماً وكم عين مدامعها مطر
أو ما ترون يد الحوادث فوق . . . . الرؤوس تدق ناقوس الخطر
أو ما ترون الليل يغمر أمتي . . . . لانجمه غنى ولا رقص القمر
أو ما ترون الأقربين استخدموا . . . . فينا سلاحاً ليس يبقي أو يذر
كم غادة تبكي على العرض الذي . . . . لعبت به أيدي قراصنة البشر
لو أنني سخرت شعري للهوى . . . . لجعلت صخر الحب في أرضي مدر
وجعلت إعراض الصبايا رغبة . . . . ولويت بالإصرار أعناق الحذر
لكن لي قلباً إذا سليته ألوى . . . . العنان وراح يخفق بالضجر
هاتوا فؤاداً لا يحس بما جرى . . . . هاتوا عيوناً لا يؤرقها السهر
وخذوا أرق الشعر مني واسمعوا . . . . أخبار من وصل الحبيب ومن هجر
لا تطلبوا مني اغتيال مشاعري . . . . لا تمنعوني من مواصلى السفر
لا تسألوا عن طعم حزني إنه كالصبر . . . . بل هو من مرارته أمر
لا تسألوا عن نار حزني إنها سقر . . . . أو ما تدرون ما معنى سقر
عفواً بني قومي فإن قصائدي جسر . . . . إلى أمل قريب منتظر
أدعو إلى الإيمان دعوة شاعر شرب . . . . الأسى من أجلكم وبه انصهر
بيني وبين الشعر عهد صادق أن . . . . نجعل الإسلام مبدأنا الأغر
الشاعر الإسلامي الكبير عبد الرحمن العشماوي حفظه الله ورعاه